مدخل : في ليلة قمرية باردة داعبتني بعض الأحلام فتذكرت أول حب و هيام تحول إلى خيانة و آنتقام..
وافق أخيرا أن يكتب، فكتب .. و حتى آخر سطر و نقطة نهاية؛ بحروف ليست كالحروف و كلمات ليست كالكلمات، فبحث في جميع القواميس عن معنى لها فلم أجد، فسألت قلمي عنها، فأرشدني إلى قواميس الخيس و الخيانة، لكن أين سأجدها ؟ أين أجد تلك القواميس فليس لها مكان في مكتبتي و لا في أرشيف حياتي، آه عرفت، سأجدها في خزانة تلك المرأة أو ما كانت تسمى حبيبتي ،قواميس واجهتها مزخرفة بكلمات الصدق و الوفاء و في أغوارها أشباح و حروف صماء، صفحاتها جناح فراشة و مدادها دخان ثنِّين، تعجبك عند أول مرة لكن ما إن تقلب الصفحة الأولى حتى تحترق; هي وحدها من تستطيع قراءة سطوره و الغوص في صفحاته، صفحات هذا القاموس الغريب ، فسجنتي عند أول سطر فيه، لتصنع من عظمي الطري و قلبي اليافع المتوهج حبا و هياما دمية آدمية لا تفارقها لتكون كالظل تلازم خطاها و منديل أبدي يمسح آهاتها و عبراتها، و عقار سحري يداوي كل جراحها و بيت مال يسد كل نفقاتها، كل هذا لم يكفها و لم يشبع غريزتها لتذهب مع دمية أخرى من صنع يديها..لكن بعد أيام تعود و هي تبكي فتطلب السماح و المغفرة فأسامحها بدون تردد لكن سرعان ما تذهب مرة و أخرى و أخرى مع دمية جديدة، فتمل و تكل فتعود مرة أخرى و أسامحها أيضا؛ إلى أن باعتني في سوق الدمى ، فسارت أيامي كلها سهر و لوعة و شجن فغاب العقل و آضمحلَّ البدن، آستعمرت حصوني و حكمت مملكتي و جعلت من فؤادي ملعبها المفضل لترضي شهوتها و مزاجها المبجَّل فتحضر إليه وقتما شاءت و تخرج منه متى شاءت وكم من مرة خرجت منه و أنيابها تقطر دما، عيناها جاحظتان في السماء و قهقهاتها تصدح لها الأرجاء و أصابعها ترتجف وهي تحمل فؤادي و هو ينبض بالحياة لتقدمه قربانا لوحش أسمته الحب فعن أي حب تتكلم؟ عن داك الذي سجن في سجون الخيس و الطمع و كفن بنعش المادة ثم دفن في مقبرة المصالح... فأيْ قاتلتي من أنتِ و من تكونين ؟ و من أي طينة أنت ؟ و في أي موطن ترعرعت ؟ و من أي ثدي رضعت ؟ فأمهاتكِ أمهاتنا و آبائكِ آبائنا فمن أين لك هذا ؟ آه عرفت ...ربما أنت شخصية من شخصيات أفلام الخيال العلمي فإن كنت كدلك فلا تلامي و هنيئا لك لحوم البشر
مخرج : ليس كل حلم حلمته يمكن أين يتحقق و ليس كل حب نمى بداخلك يمكن أن يعيش ..
قصة قصيرة بقلمـ ـالكاتبـ ـالحر حكيم